07 Aug
07Aug

قرّرتُ أن أصبحَ نبيّا ، هذا الهاتفُ الذي يأتي من أقاصي الأرض بصوتها يخبرني أنّي نبيُّ اُسقط اسمهُ من صحف الأوّلين ، غدا سأجمعُ أتباعي عند السّاعة التي لن تأتي ، أين سيتغشّاني رسول الوحـي هذا الملاكُ ، لا يمتلكُ جناحين مثل جبريل ، إنّها فاتنة برزخية بنهدين أسطوريين كتبتْ الآيات على الخصر . سأدعو النّاس إلى طريق لم يعتادوا السّيرَ فيها ، يمشون فيها حفاة عراة تتشافف فيها عقولهم و أجسادهم و ارواحهم ، لن أسيرَ بهم إلى جنّة يتجمّع عندها الاتقياءُ كما يتجمّعُ الذّبابُ حول الزّبالة ، أريدُ أن يكونَ حواريَّ من الخطّائين و الآثمين ، سأقتلُ كلّ الورعين ، و اقتلع أبصارها و أوزّعها على العميانِ . ... سأكون نبيّا يعدُ تُبَّعهُ بالجحيم فلقد سئم أهلُ مديتنا انتظار الجنّه...  ، سأحفظُ كلَّ وصاياها التي حمّلتنييها ذات ليلة يتيمة بأن لا أدخل في مدينتها المدمّرة ، أن لا أقعَ في حبّها فهي لم تعدْ تصلح أن تتسيّدَ العروشَ ، أ تراها صادقة ؟ هل سيتيبّسُ رأيها على رفضي بعد أنْ صرتُ نبيّا ؟ هل عليَّ أن أتألّهَ حتى أستطيع اصلاح ما عطُبَ من كيانها ؟ مسكينة لا تعرفُ أنّي لا أنثني أبدا و لا أتراجع... مكابدٌ و  على اصرارِ في حبّها بحجمِ مجرّتنا المضيىة. و هل يستطيعُ المرءُ أن يميزَ ما تعلّق بهواء النّفسِ ؟ فكلُّ ما فيك صار منّي لا أكونُ إلا بكونهِ ، كلّ تلك الحكايا التي خططنا أسطرها على وسائدنا ستبقى تشدّني إليك ، حرارة جسمينا المرتفعة تذهبُ ببرودة هذا العالم و نحنُ نتراشقُ عشقا و لذّة .

إنّا مميّزان يا لوعتي ، مارسنا حبّنا و صوت بياف يرافقنا :
 Non, rien de rien

Non, je ne regrette rien

Ni le bien qu'on m'a fait

Ni le mal - tout ça m'est bien égal!

ترتعشين بين ذراعيَّ المتعرّقتين ، ألا يكفيك كلّ هذا الصّخب ؟ كلُّ هذا المجون ؟ من اين لنبيٍّ مسكين مثلي أن يهزم جموح هذه الكائنة البركانيّة ؟ ما الحلُّ ؟ تجيبين : أريدك أن تتلبّس بي أن تكونني كما نفعلُ دائما... جرفنا الزمنُ و لم أتنبّه إلا على صوت  أم كلثوم يردّدُ فينا :


 يطول بعدك.. واعيش بعدك على شوقي وأشجاني
 ما بين ماضي.. ما هوش راضي ينسينى وينسانى
 وبين حاضر ماهوش قادر يسلينى في حرماني
 وأبات انعي. أنا ودمعي
 واخبي دمع العين واداري م اللايمين
 لا يلمحوا عنيه ويشمتوا فيا
 ولحد امتى حتبقى انت والشمتانين
 أروح لمين واقول يامين ينصفني منك

تفرّستُ وجهك ، إصبعي على شفاهكِ : فلنصمتْ و سأحبّك رغم أنف اللّهْ...

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة