09 Aug
09Aug

كان مساء عاديا يراقص الفرح فيه وجوها جمعتهم نفس الطاولة.. كان الفرح فيه يراقص عائلة تحتفل بالحب ! وجدتك بينهم -كعادتك- تتفحصهم وجها وجها في محاولة فاشلة لاقتناص ما كان سببا لهذا الفرح المتطرف.. لا شيء مثير للريبة : عائلة تختلس لحظات من الزمن لتشيع الحب في نفوسها و تتظاهر بالسعادة العظمى.. هي محض محاولة مقاومة للحياة ! و قد يحدث أحيانا أن يصنع للفرح عيدٌ ليصبح -كغيره من المشاعر- موسميا ! واجب عليك أن تفرح حينما يطلب منك ذلك.. حينما يكون الفرح محض اقتضاء لموقف أو لمناسبة سمجة.. موعد مع الفرح محدد باليوم و بالساعة و بالدقيقة.. تتذمر؟ تفكر في التنصل أو التمرد أو الهروب؟ خذ إذن.. لست سوى كائنٍ متطرف الغرابة غسقي الغموض لا تعرف للفرح سبيلا ! اعذر جهلهم و لا تكترث.. هم حتما لا يعون مقدار الإختلاف بينكم.. هم حتما لا يدركون أن أفراحك و أفراحهم خطان متوازيان لا يلتقيان.. ثم إنك بين كل هذه الوجوه تتفطن إلى وجه مثير للدهشة حد الشفقة.. كان غير مبالٍ بكل ما يتراقص حوله..هو بقايا وجه مغرق في استرجاع - ما لم يستطع عليه صبرا - ! بعض كلمات قيلت على عجل غيرته جذريا.. وجه يقارب السيلان بأخذه شكل الأحاسيس التي تحويه.. وجه يعيده الخيال إلى سنوات مضت.. يعيده لكل تلك التفاصيل الصغيرة التي خطتها الصدفة بريشة الحب المنتظر.. يعيده لذات المكان و ذات الزمان.. وجه يعيده الخيال لنقطة الصفر! وجه يتمرد على حامله فيفضح ما لا يبوح به.. يفضح ما لا يعيه أو يدركه أصلا.. و يضيع تدريجيا في زحام هذا الحب المكثف.. يستعين بالذاكرة ليشفى إلا أنه يعود ليتوعك أكثر فأكثر.. يتوه من جديد في دوامة الخيبة و الشك و الغموض.. و ها انت تعود مرة أخرى لتتفحص الوجوه و تفرق بينها.. تتفرس مليا..تحدق مليا.. تندهش للوهلة الأولى.. ثم تتحول ابتساماتك المكتومة - عنوة - إلى قهقهات متتالية و متعالية ... إنك تعرف ملامح هذا الوجه جيدا..حتما تعرفها ! تزورك يوميا في انعكاس مرآة الحمام ... 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة